ee.appmanage19.ir

رمز الخبر: 200479
تأريخ النشر : 2025January07 - 20:40

لن تختزن سياسة ترامب المفاجأة

 

الجميع يعلم ما اعطت الثورة الاسلامية الايرانية للقضية الفلسطينية من قوة معنوية للتعويض عن ما تسببته اتفاقية كامب ديفيد من تحطيم للشخصية الفلسطينية. فرؤوس  النظام الدولي ورغم خلافاتها وصراعها على النفوذ ولكنها تشترك في الابقاء على الحالة الضاغطة ضد المسلمين لزعزعة روح اليقظة وسحق الانجاز السياسي لاسيما في ايران الاسلامية.

فالخيار الغربي يتمثل بالتسلح العسكري بعيدا عن اي أدلجة مع ما نشهده من التزاحم الوجودي لاحزاب اليمين واليسار ودعوات الانتصار لحقوق الانسان وحتى الاكوان. كما ان لتوسع المشروع الاستيطاني وخاصة في الضفة الغربية بالاعلان عن نية الحكومة مضاعفة عدد المستوطنين الى مليون على الرغم من انتقادات عربية ودولية، وهكذا اي توسع استيطاني على الارض يتبعه دعوات ظاهرها التطبيع وجوهرها حملات هجرة لليهود من كل حدب وصوب لملء الفراغات.

وهذا ما تكرر في علاقة "اسرائيل" مع الاتحاد السوفياتي السابق بعد ان تجمدت العلاقة عام 1967، الا ان المسؤولين الصهاينة لم يهدأوا في البحث عن مخرج لاستئناف العلاقات وطلب موجات هجرة لليهود. فقد قام "ادغار برونغمان" رئيس المجلس اليهودي العالمي بزيارة الى الاتحاد السوفياتي في تشرين الثاني عام 1985 وبحث مع ميخائيل غورباتشوف زيادة هجرة اليهود السوفيت.

ان الخارطة السياسية هي هي وكأن ما حدث بالامس يتكرر بمشاركة العالم الغربي، فبدأوا بتهديد الجمهورية الاسلامية الايرانية لتقنيتها العسكرية وبرنامجها النووي، فهم يعلمون جيداً ان لا يصدر منهم تجاه ايران إلا الاقوال، اما الافعال فيجربوها مع سكان غزة بتدميرها والجنوب اللبناني بتحييدها، فيما يبقون على الحالة في اليمن كشماعة لاستعراض اساطيلهم وابتزاز دول الخليج الفارسي. ولكن مربط الفرس عندهم في عسكرة سوريا والعراق، بذريعة عصابات داعش ومن لف لفهم. وقد نجحوا الى الآن في مخططهم، ليستكملوه بمجيء ترامب لسدة الحكم، وهو يجيد التمثيل باهتمامه باقتصاد اميركا، ولغة تحرر الشعوب ولكنه يحسن المسك بالعصا الغليظة لترويض الحكم الجديد في دمشق بتعزيز  التواجد  العسكري الاحتلالي.

اذن فلا مفاجات او امر جديد في جعبة ترامب مع كل التطبيل والتهويل لخلق رجل سياسة واقتصاد من أخرق مخبول.

ففي الوقت الذي يصرح انه سيوقف الفوضى في الشرق الاوسط وسيمنع من اندلاع حرب عالمية ثالثة نراه يهدد انه اذا لم يتم اطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في العشرين من يناير /كانون الثاني الجاري فسيكون هناك جحيم في الشرق الاوسط مؤكدا ان المسؤولين سيتلقون ضربات اشد من اي ضربات تلقاها شخص في تاريخ اميركا الطويل وهو الذي يدعو الى تبريد مستوى السخونة في غزة ولبنان ويثير  فكرة "السلام من خلال القوة". وهذا ما يجعل مسؤولون اسرائيليون  بارزون يراهنون على فريق ترامب الصقور  الذين يتماشون  تماماً مع حكومة نتنياهو وتأييده في ضم الضفة الغربية عندما يتولى ترامب منصبه.

الصورة الاكثر غرابة في سلوكيات ترامب تبنيه للحركة الشعوبية "لنجعل اميركا عظيمة مرة اخرى" المعروفة اختصاراً باسم "ماغا"، فهو يجدد رغبته في ضمن كندا للولايات المتحدة، واصفاً عبر منشور على موقعه "تروث سوشال" رئيس وزراء  كندا "جاستين ترودو" بانه حاكم كندا، بالقول: انه في حال اصبحت كندا ولايتنا رقم 51 فان ضرائبها سوف تنخفض باكثر من 60% وسوف تتضاعف اعمالها على الفور.  ويبدو ان تهكم ترامب بوصف "ترودو" انه حاكم وليس رئيسا للوزراء ثأراً للمقلب الذي رتبه "ترودو" في قمة السبع في كندا/حزيران 2018 عندما قدم للرئيس ترامب، صورة مؤطرة لما يقال انه فندق يدعى "اركتيك" كان يملكه جد ترامب في ولاية بريتيش كولومبيا في كندا، وانه على الارجح كان بيت دعارة ـ وبالكاد تمالك "ترودو" نفسه عن الضحك ـ حسب ما نشره موقع "اكزامينر" الاخباري، مما اثار موجة سخرية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ضغوط ترامب على "ترودو" اثرمت حيث اعلن ترودو عن استقالته امس من رئاسة الحكومة والحزب الحاكم معاً، بعد ان استقال عدد من وزرائه لاسيما وزيرة المالية ونائبته.

وهذا  جانب من سلوكيات رجال الغرب عموماً فيما بينهم فكيف تكون خططهم مع حكوماتنا وشعوبنا، وشاهدنا الوضع في سوريا اليوم. حيث دخلت القوات الاميركية سوريا عام 2015  بموجب تفويضات استخدام القوة العسكرية لعامي 2001، 2002 والتي اُصدرت لشن حرب ضد تنظيم القاعدة (والتي هي صنيعتهم)، اذ رأى الرئيس السابق اوباما انه بامكانه استخدام تلك التفويضات لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية ايضا، في اطار عملية العزم الصلب التي اطلقتها عام 2014، فانشأت عشرات القواعد العسكرية في العراق وسوريا، ومازالت تحشد من قواتها. في نفس الوقت  يغرد ترامب على منصة "اكس" بعد سقوط النظام السوري "ان سوريا ليست دولة صديقة وعلى الولايات المتحدة الا تتورط في معركة ليست معركتها"، لنفاجأ ان تصدر الخزانة الاميركية رخصة عامة لتسهيل التعاملات مع السلطات الجديدة في سوريا في مجالات مختلفة، تشمل بيع او توريد او تخزين او التبرع بالطاقة، فضلا عن نقل التحويلات المالية الشخصية بما في ذلك من خلال البنك المركزي السوري. وهي نفسها حظرت اي معاملات تتم لصالح حكومتي روسيا وايران، وتوريد السلع والتقنيات والبرمجيات والتمويل والخدمات من اصل روسي او ايراني.

فكيف نفهم كل هذا اللغط سوى بعبارة واحدة بان لغة الاستعلاء هي الوحيدة التي يفهمها الغرب ومنهم ترامب المتظاهر بصاحب  الحلول الاقتصادية.